حكايتي مع الصدقة
كنت أرى زمن الماديات قد طغى فتملكني اليأس حتى جاءتني هذه القصة فانبعث فيَّ الأمل،
روعة هذه القصة في بساطتها، لا تظن أن صاحبة هذه القصة تملك الملايين، كلا،
جمال هذه القصة بإيثار هذه الفتاة، والله لقد تذكرت وأنا أقرأ هذه القصة، موقف عائشة أم المؤمنين
رضي الله تعالى عنها، حينما أنفقت في يوم واحد ألف درهم وهي صائمة،
فقالت لها خادمتها: لو أبقيتِ لنا ما نفطر به اليوم، فقالت عائشة رضي الله تعالى عنها:
( لوذكرتني لفعلت )، ولعلي لا أطيل عليكم لأترككم مع قصة هذه الفتاة حيث تقول:
اسمعوني ولا تعجبوا ، فلي مع الصدقة شأنٌ عجيب، إنني أعيش معها
حياة الراحة واللذة والسعادة، كم أحبها، لا أعلم شيئاً يأنس الإنسان بتفريقه إلا الصدقة،
فأنسنا معشرالناس في الجمع لا التفريق، لكنني مع الصدقة أجد الأمر بخلاف ذلك،
أنا لستُ بصاحبة أرصدة في البنوك، وأسرتي ليست بذات الثراء حتى تسد حاجتي،
نعم، أنا طالبة في الكلية، قد تتعجبوا لتقولوا بعد هذه المقدمة ، من أين لكِ المال ؟
*************
لأقول لكم: إنها مكافأة الكلية على قلتها، فأنا بحاجة إلى ما تحتاجه كل فتاة من ملابس،
ومذكرات ومصروف يومي، وغير ذلك من متطلبات الفتاة، إلا أن حبي للصدقة نحر كل
رغبات الحياة ، نعم في نهاية كل شهر أنتظر هذه المكافأة على أحر من الجمر، لدي
قائمة لأسماء بعضالأسر الفقيرة، أقتسم أنا وإياهم هذه المكافأة ، نعم ،
والله لقد كنتُ أقتفي أخباراليتامى والمساكين، كما يقتفي العطشان أثر الماء،
والذي نفوس الخلائق بيده، إنني لا أملك نفسي إذا جاءني مسكين يمد يده، أشعر حينها
باضطراب حتى أسد خلته، لقد استلفتُ في يوم من الأيام مبلغا من المال،
لأسدد أجار منزل أسرة فقيرة ، وما كنت أعلم أن ورائي سوى هذه المكافأة،
في يوم من الأيام جاءتني مسكينة تمد يدها، فلم أجد ماأعطيها إياه،
ضاقت عليَّ الأرض بما رحبت، لجأتُ إلى ربي قائلة: يا الله ، قلبتُ نظري في سيرة القدوة
والأسوة محمد بن عبد الله عليه أفضل الصلاة وأتم التسليم، فإذافي سيرته
أنه كان إذا عرض له محتاج آثره على نفسه، تارةً بطعامه، وتارةً بلباسه،
وحينما وصلتُ إلى هذا الحد، تذكرتُ ثوباً متواضعاً كنتُ قد قمتُ بتجهيزه لزواجِ أخي،
فسارعت إلى بيعه ثم قمتُ بدفع ثمنه كاملاً لهذه السائلة، كنتُ أعلم أن من سيرته عليه الصلاة والسلام،
أنه ربما نزع رداءه وتصدق به، تمنيتُ حينها أن لو كنتُ ارتديتُ هذا الثوب لأنزعه
لهذه المسكينة حتى تكتمل صورة الإقتداء، عمدتُ بعد ذلك إلى ثوبٍ من ثيابي السابقة،
ولبسته في زواج أخي، وكنتُ أنظر إلى الفتياتِ في الحفل وأقول: آه لو ظفرتُ بثوبٍ من هذه الثياب،
لا لأرتديه، ولكن حتى أبيعه وأتصدق بثمنه،لقد كنتُ أستلم مصروفي اليومي من والدي،
ثم أختلس لقيمات من إفطار البيت وآكلها، ثم أتصدق بمصروفي،
ولا أذكر أنني تخلفتُ عن ذلك يوماً واحدا، أقسمُ لكم بالله أني أجدُ لذةٍ لذلك لا تعادلها لذّة..
هذه هي حكايتي مع الصدقة، فأين أنتم يا أرباب الأموال؟
جربوا هذا الطريق حينها ستجدون سعادةً هي أعظم من سعادة كثرة المال