لربما عاكست الفتاةُ شاباً بقصد الترويح عن النفس ليس إلا!! ولربما كان السبب في ذلك العطش العاطفي الذي أحدثه سوء المعاملة وجفاف العبارات والمنع من أبسط الحقوق والمباحات من قبل الأسرة وبالأخص الأقرب منهم إلى نفسها ( الأب.. الأم )!!
وقد لا يخفى على لب حكيم أن المشاكل والنزاعات الأسرية هي الدافع المحض وراء تخبط بعض فتياتنا وضياعهن وانقيادهن للهفوات التي دفعت ثمنها من العفة والشرف والسمعة الطيبة الطاهرة..
ومناسبة القول أنني لم أسمع في حياتي عن شاب لجأت إليه فتاة تبثه همّها وتلتمس منه الرأفة إلا ويجهز- وبأسرع ما يكون- على حسن ظنها ويقذف بها في وهادٍ لا طائل لها بها!! إذ يرتع بمكره وخبثه ويدغدغ بدهاء إحساسها المخملي البريء ليصل إلى ما لم يكن بحسبانه أنه دّيْن سيدفعه في أخته أو زوجته أو ابنته مع أول قادم من دولة الأيام!!
دائماً ما أسأل نفسي وأحاكيها: ما الضير لو أنه أخذ بيدها لجادة الحق دون أن يستغلها أو يؤذيها ويقدّم لها على طبق من ذهب نصائح وجرعات روحانية يقوّي بها إيمانها بربها ويزيد من تقواها؟!! علّه بمعروفه هذا يوقظها من غيبوبتها وينقذها من آخرين ربما كانوا أشد قسوة منه ودهاء..
والسؤال الآخر الذي أعيتني مشاهد الواقع إيجاد جوابه: ماذا لو فعلت أخته ما يدنّس عرضه مدى حياته؟
ولماذا لا ينظر إلى نساء المسلمين إلا بنظرة ساقطة هابطة يسهل على إثرها هتك عفتهن، بينما يعتقد أن من الصعوبة والاستحالة وصول ذئاب متعطشة إلى محارمه!!
وقد تذكّرت مأساة فتاة غَرّر بها شاب قاربت طبائعه طبائع البهائم والخنازير إذ لم يفكّر إلا في متعته غير آبه بما سينالها من آلام وأحزان مريرة تعترضها من نظرات الناس المتربصين بكلّ زلّة أو فضيحة..
وهاهي تكتب خطاباً تنضح عباراته بالندم واللوعات لأحد الدعاة تخاطب به ميّتَ القلب الخائن قائلة: " إليك يا من أحرقت أنوثتي، إليك يا من تركتني وخلّفت في صدري جرحاً لن يلتئم، إليك يا من عَلّمتني خيانة ربي وأهلي وعرضي، إليك يا من تركتني بلا أمن، إليك أنت يا من سرقت عِفّتي بكلماتك المعسولة أبعث هذه الرسالة المحشوة بالألم وكم أتمنى أن تسمعها بقلبك قبل سمعك إن كان لك قلب!!!
ألا تعلم أني ما زلت أتذكرك.. نعم.. عند غروب كل شمس وإطلالتها أتذكرك، عند سكون وقت السحر، أتذكرك بدعوات حارة ودموع حارقة وآهات معذبة قاسية.. نعم.. أتذكرك بدعوات مظلوم وأسأل الله تعالى أن تكون من الدعوات المستجابة التي تمزق السعادة في حياتك.. نعم.. إنني أسأل الله أن يرد عليك ذاك الدَّيْن في محرم من محارمك..
كيف يَهنَأُ لك رغد العيش وحلو الطعام وبرد الشراب وليونة الفراش والمنام وأنت الذي بترت معنى السعادة في حياتي وأنت الذي قتلت شرفي ومزّقت عرضي وسرقت زهرة شبابي وأنوثتي وتركتني أعيش مرارة الأسى لوحدي تمزقني كل يوم نظرات من حولي، لك أن تتخيل فتاة تعيش بلا شرف بلا عفاف بلا أمل. لقد حطمت محطة الأمل وكسرت صورة الأحلام في حياتي.. لقد أخذتني بكل شيء ثم رميتني بلا شيء.. لقد انتهيت الآن وبقيت زهرة بلا عبير ليتك حين حَطّمت معنى السعادة في قلبي قتلتني بموتة واحدة لأني الآن أُقتَل كل يوم، فهل تدرك هذا؟!
م ن ق و ل