السلام عليكم ورحمة الله وبركاته
رأيت في موضوعي هذا ان اطرح عليكم ماتم التوصل إليه من اعجاز علمي في القرأن في الاية(انا خلقناهم من طين لازب) من صورة الصافات منقولاً عن الدكتور زغلول النجار
(إنا خلقناهم من طين لازب*) (الصافات:11).
الطين( لازب) أي لاصق( أو لازق) بعضه ببعض لاشتداده, و(اللازب): الثابت الشديد الثبوت. يقال( لزب) الشئ( يلزب)( لزبا) و(لزبا) بمعني دخل بعضه في بعض, و(لزب): لصق وصلب, ويعبر بـ( اللازب) عن الواجب الثابت فيقال: صار الشئ ضربة( لازب) وهو أفصح من قول ضربة لازم, و(اللزبة): السنة الجدبة الشديدة, وجمعها( الزبات). ويقصد بالطين اللازب الطين الذي فقد جزءا من مائه فأصبح لزقا. ويبدو ــ والله تعالي أعلم ــ أن المقصود بالخلق في هذه الآية الكريمة هو خلق الأحياء المخاطبين بالوحي في وقت تنزله, ومن جاء بعدهم ومن سوف يجيئون إلي يوم الدين. وقد ينسحب ذلك علي خلق أبينا آدم( عليه السلام ولخلقه قصة لها تفاصيلها في كتاب الله وفي سنة خاتم أنبيائه ورسله( صلي الله عليه وسلم وبارك عليه وعليهم أجمعين سوف نرويها في مقال قادم إن شاء الله( تعالي).
ويدعم هذه الرؤية أن الخطاب في الآية الكريمة موجه إلي رسول الله( صلي الله عليه وسلم) ليقول لكفار قريش: هل أنتم أشد خلقا من السماوات والأرض وما فيهما من أجرام وملائكة وجان ونبات وحيوان, ومختلف صور المادة والطاقة وغير ذلك من مخلوقات وقد خلقكم الله من أمر حقير ألا وهو الطين اللازب؟
ويدعم هذه الرؤية أيضا التقارب الشديد بين التركيب الكيميائي لكل من جسم الإنسان والطين اللازب أي المتماسك رغم مرونته لشدة لصوق جزيئاته ببعض, كما يؤكد ذلك تحول جسد الإنسان بعد الوفاة ليمر بعكس مراحل الخلق كما وصفها القرآن الكريم حتي ينتهي الي التراب, مرورا بمرحلة( صلصال كالفخار) حين يتخشب الجسد ويتصلب وكأنه تمثال من صخر, ثم( صلصال من حمأ مسنون) حين تبدأ خلاياه في التعفن والتحلل, ثم مرحلة( الطين اللازب) حين تأخذ الجثة في التفسخ الكامل, وطمس المعالم, ثم مرحلة( الطين), ثم يفقد هذا الطين لمحتواه من الماء بالتدريج حتي يصبح( سلالة من طين) فإذا فقد ماءه بالكامل تحول الي تراب يتيه في تراب الأرض, ولا يبقي منه إلا عظمة دقيقة مثل حبة الخردل يبعث منها يوم القيامة بعد إنزال ماء خاص من السماء كما جاء في أحاديث رسول الله( صلي الله عليه وسلم).
فالحمد لله الذي أنزل القرآن الكريم بعلمه علي خاتم أنبيائه ورسله, وحفظه بعهده الذي قطعه علي ذاته العلية في نفس لغة وحيه( اللغة العربية) وحفظه كلمة كلمة, وحرفا حرفا علي مدي أربعة عشر قرنا أو يزيد, وإلي أن يرث الله( تعالي) الأرض ومن عليها, وأبقاه محتفظا بكل ما فيه من حق, ونور الربوبية يتلألأ من بين آياته, واشاراته وألفاظه حتي يبقي حجة علي جميع الخلق إلي يوم الدين,( والله غالب علي أمره ولكن أكثر الناس لايعلمون*) وصلي الله وسلم وبارك علي سيدنا محمد وعلي آله وصحبه وسلم والحمد لله رب العالمين.