﴿ يا أيها الذين آمنوا هَلْ أَدُلُّكُمْ عَلَى تِجَارَةٍ تُنجِيكُمْ مِنْ عَذَابٍ أَلِيمٍ﴾؟! (الصف: من الآية10).
كل ضيفٍ غالٍ عزيزٍ يستعد أهلُه لاستقباله بروح توَّاقة مشتاقة، فتتأهب له النفس، ويهفو له القلب، وتطير له الروح نشوةً وفرحًا ولهفةً لرؤيته ومعانقته والعيش في كنفه، فتجد مراسم الاستقبال، وتهيئة المكان، ونشر الزينة، وجمع الأحباب، وكلما زادت قيمة الضيف زادت تلك المراسم.
ولما كان رمضان شهرًا عظيمًا مباركًا كان الصالحون المؤمنون- وعلى رأسهم صحابة رسول الله صلى الله عليه وسلم- يستعدون لاستقباله أعظم استقبال، فكانوا ينتظرونه قبل أن يأتي بـ6 أشهر ويودعونه بعد انقضائه بـ6 أشهر، فهيا بنا من الآن نستعد ونهيِّئ أنفسنا وأبناءنا وبيوتنا لاستقبال هذا الشهر الغالي العظيم المبارك:
1- هيا نبث في أبنائنا روح الأشواق وعبير الذكريات للشهر الكريم: هيا نحكي لهم قصصًا من الماضي ونشوِّقهم لخير عظيم ينتظرهم في كل مجال، فرمضان مصدر الرحمات، ومنهل الخيرات، ومنبع البركات، وعلى رأس هذا الخير فضل الله العظيم وثوابه الجزيل وعطاؤه المنان.. "كل عمل ابن آدم له إلا الصوم فإنه لي وأنا أجزي به".
2- هيا نذكِّر أبناءنا بالمآثر الرمضانية: المساجد المليئة بالناس، الحافلة بدروس العلم، وصلاة التراويح، واعتكاف العشر الأواخر.. العلاقات الاجتماعية الجيدة والزيارات والولائم الكريمة وجوّ الود وصلة الأرحام.. الحديث عن الانتصارات الرائعة للمسلمين في رمضان عبر التاريخ.. توفيق الله تعالى لعباده الصائمين.
3- هيا نهيِّئ أبناءَنا لحُسن التعامل مع المسجد الذي يقضون فيه أوقاتًا طويلةً بخلاف بقية العام: هيَّا نكلمهم عن آداب المسجد واحترامه وتعظيمه والبعد عن الضوضاء والشغب فيه، ونحرص قدرَ الإمكان على تذكيرهم بهذه الآداب قبل كل مرة يذهبون فيها إلى المسجد.
4- هيا نصنع جوًّا من السعادة يجعل الطفل يحب الشهر الكريم ويرتبط به: نشتري لهم الهدايا، ونعلق لهم الزينة، ونزيد لهم قدرَ المصروف، وننشر لهم روح البهجة والسرور في كل مكان، ونُشعرهم فرحتَنا وسرورَنا واستبشارَنا بالشهر الكريم.
5- هيا نبث فيهم روح الاستعداد الإيماني: هيا يا أبنائي نجدد التوبة مع الله تعالى فنقبل عليه ونفتح صفحةً جديدةً.. هيا نستعد لاستقبال رمضان بعلاقات طيبة مع بعضنا، فنصلح بين المتخاصمين من أصدقائنا، ونحصل على رضا الوالدين حتى يكرمنا الله بالفضل العظيم، وحتى لا نُحرم من فضل رمضان الذي يحرم منه المتخاصمون.
6- هيا نهيئ أبناءَنا فقهيًّا: هيا نهتم بمدارسة آداب وفقه الصيام بطريقة مبسطة قبل بداية رمضان من أجل الاستعداد الجيد للأمر قبل الممارسة بدون علم، وبالتالي نتلاشى الوقوع في الأخطاء.. ويمكنك أختاه أن تتعاوني مع بعض الصديقات لجمع الأبناء أو البنات في حلقات لتدريس ذلك أو التنسيق مع بعض الدعاة، مع مراعاة المرحلة السنية للأبناء.
7- هيا نُعلن عن جوائز تحفيزية عن كل يوم يصومه الابن لتشجيع الأبناء في مرحلة التدريب على الصيام: "بإذن الله من يصوم يومًا هذا العام سنُكافئه بكذا".
8- الإعلان عن احتفالية الصيام لتكريم الصائمين الجدد: فندعو الأقارب والأحباب على وليمة أو حتى حفل شاي أو فاكهة.. كلٌّ على قدر استطاعته، ويتم الاحتفال بالابن أو البنت الصائمة لأول مرة وتقديم الهدايا لها، وإشعارها أنها أصبحت في مرحلة جديدة ومكانة كبيرة؛ بسبب بدء صيامها هذا العام.
9- عقد لقاء أسري يضم الزوج والزوجة والأبناء تحت عنوان "هيا نستعد لرمضان"، نجلس معهم، ونتشاور جميعًا عن إعداد برنامج للاستفادة من الشهر الكريم.. هيا نحفِّزهم وسنجد- بإذن الله- عندهم أفكارًا ظريفةً، ولنحرص معهم في هذا اللقاء على الآتي:
أولاً: هيا نحدد أهدافنا في هذا الشهر الكريم:
أولاً: مع نفسك.
ثانيًا: مع أسرتك.
ثالثًا: مع أرحامك.
رابعًا: مع جيرانك.
خامسًا: مع زملائك في المدرسة.
سادسًا: مع أمة الإسلام.
سابعا:.. وهكذا..
ثانيًا: هيا نضع خطةً زمنيةً بحيث نقوم بتوزيع الوسائل التي تخدم الأهداف التي وضعناها على أيام الشهر، وتكون مكتوبةً لنتابع أنفسنا فيها أولاً بأول.
ثالثًا: هيا نخطط للآتي:
* برنامج للقرآن الكريم؛ بحيث نستزيد من الكم الهائل من الحسنات المضاعفة، ونحرص على أن نختم القرآن عدة مرات، ونحرص على حفظ قدر من القرآن الكريم يوميًّا.
* برنامج للدعاء: هيا نحدد مطالبنا، ونكتب أدعيتَنا، ونحرص على ترديدها في هذا الموسم العظيم، ولنسأل ربنا- تبارك وتعالى- معاليَ الأمور، فهو الجواد الكريم.
* هيا نخطط برنامجًا للتزود من العلم.
* هيا نخطط برنامجًا للزيارات.
* هيا نخطط للصدقات، ولتحرص الأسرة على زيادة مصروف الأبناء في رمضان لمساعدتهم وتدريبهم على الصدقات وفعل الخيرات.
* هيا نعد برنامجًا لتنظيم الوقت خلال يوم رمضان.. وقت تجلس فيه الأسرة معًا- ساعات النوم- أوقات القراءة- أوقات الزيارة- هيا ننظم شئونَنا ونبتعد عن العشوائية ولا نترك أنفسَنا للظروف.
هيا نبدأ من الآن بتشجيع أبنائنا- بدءًا من عمر 7- 9 سنوات- على بدء التدريب على الصيام ونقول له: بنيَّ الحبيب.. أنت كبرت بفضل الله وتستطيع التحمل، وأنا واثق أنك بإذن الله قادرٌ على الصيام، ولديك القدرة على التحكم في نفسك وتحقيق البطولة بترك الطعام والشراب خلال يوم الصيام، فأنت تحب الله تعالى والله تعالى يحب الصائمين ويعطيهم أجرًا كبيرًا وعظيمًا، والجنة تتزين للصائمين، وبها بابٌ خاصٌّ للصائمين، اسمُه باب الريان، فهل تريد الدخول منه؟!
** كيف نستقبل الشهر العظيم..؟!
* نستقبله بنية فعل الخيرات ﴿وَافْعَلُوا الْخَيْرَ لَعَلَّكُمْ تُفْلِحُونَ﴾ (الحج: من الآية 77).
* ننوي الصيام.
* ننوي الحفاظ على الصلاة في المسجد.
* ننوي تلاوة القرآن الكريم وحفظَ قدرٍ منه، وكذلك حفظ قدر من أحاديث رسول الله صلى الله عليه وسلم.
* ننوي صلاة التراويح.
* ننوي مساعدة الفقراء والتصدق على المساكين.
* ننوي الاعتكاف في المسجد وإحياء ليلة القدر.
* ننوي صلة الأرحام وزيارة الجيران.
* ننوي كثرة الدعاء والتضرع إلى الله بنصرة إخواننا في فلسطين، والعراق، وأفغانستان، وأن يحفظ (دارفور) وبلاد المسلمين من كيد الأعداء.
* نستقبل رمضان بالبهجة والفرحة والغبطة والسرور، فتعلق الزينة الجميلة الرائعة في كل مكان في (البيت والشارع والمدرسة.
* نستقبل الشهر الكريم بالبشر والتهنئة، فنهنئ بعضَنا بقدوم الشهر الفضيل (بالزيارة والاتصال الهاتفي)، ونحث أنفسَنا على فعل الخيرات.
* نستقبل رمضان بالتنافس في الخير وتحصيل أكبر قدر من الثواب.. يقول رسول الله- صلى الله عليه وسلم-: "أتاكم رمضان، شهر بركة، يغشاكم الله فيه، فيُنزل الرحمة ويحط الخطايا, ويستجيب فيه الدعاء, ينظر الله تعالى إلى تنافسكم فيه, ويباهي بكم ملائكته، فأروا الله من أنفسكم خيرًا؛ فإن الشقيَّ من حُرم فيه رحمة الله عز وجل".. فهيا يا أحبائي نتنافس مع إخواننا وأصدقائنا في فعل الخيرات في هذا الشهر العظيم.
سائلين الله عز وجل أن يكرمَنا برمضان كلُّه خيراتٌ، وأن ينعم علينا بالفضل والبركات، وأن ينصر أمتَنا وينجيَها من كل المحن والملمَّات.. اللهم آمين، وكل عام وأنتم بخير وتقبل الله منا ومنكم.