وإنا على فراقك يارمضـان لمحزونون !!
لقد دار الدهر دورته ومضت الأيام تلو الأيام وإذا بشهرنا تفيض أنواره وتبلى أستاره ويأفل نجمه بعد أن سطع ،
ويظلم ليله بعد أن لمع ،ويخيم السكون على الكون بعدما كان الوجود كل الوجود يستعد، ويتأهب للقاء هذا الضيف الكريم.. .
أنا لا أدري وأنا أسطر تلك الكلمات أأهنئكم بحلول عيد الفطر المبارك أم أعزيكم بفراق شهر العتق والغفران.. .
إن القلب ليحزن، وإن العين لتدمع وإنا على فراقك يا رمضان لمحزونون ...
نعم انقضى رمضان ولكن ... ماذا بعده؟!
إن عمل المؤمن لا ينقضي أبداً ...
انقضى رمضان وقد اعتاد كثير منا وأبنائنا الصلاة مع جماعة المسلمين.. واعتدنا على الصيام وصلاة التهجد والصدقة والإحسان ،
فيا من أَلِفَ الحق تمسك به واستمر عليه فلتجعل من رمضان كقاعدة تنطلق منها للمحافظة على الصلاة في باقي الشهور،
نعم اجعل رمضان منطلقاً لترك الذنوب والمعاصي علّ الله جل وعز أن يغفر لك بما قدمت ...
وإياك ثم إياك أن تكون من عُباد رمضان ،،،
إن من علامات قبول العمل ألمواصلة فيه والاستمرار عليه فاحكم أنت على صيامك..
هل هو مقبولٌ أم مردود وذلك من أتباع الحسنة بالحسنة ...
أخي الصائم ...أختي الصائمة
إن لحظات الوداع لحظاتٌ لا تُنسى ..
ولوعتها لوعة لا تبلى حُرقة الوداع تُلهب الأحشاء ..
ودموعُه تحرق الوجنات بحرارة العبرات
فيا من صام لسانه في رمضان عن الغيبة والنميمة والكذب
واصل مسيرتك وجدّ في الطلب
ويا من صامت عينه في رمضان عن النظر المحرم
غضّ طرفك ما بقيت يورث الله قلبك حلاوة الإيمان ما حييت
ويا من صامت أذنه في رمضان عن سماع ما يحرم من القول وما يُستقذر من سماع غيبة أو نميمة أو غناء أو لهو
اتق الله ولا تعد اتق الله، ولا تعد.. .
ويا من صام بطنه في رمضان عن الطعام وعن أكل الحرام
اتق الله في صيامك ولا تذهب أجرك بذنبك...
وإياك ثم إياك من أكل الربا فإن آكله محاربة لله ولرسول صلى الله عليه وسلم ...
فهل تطيق ذلك؟!
ويا من صام بطنه تذكر إخواناً لك في رمضان، وغيره يبيتون على الجوع والعُريّ ولا يجد أحدهم ما يسدّ به جوعته،
ولا فاقة عياله تذكر أنهم ينتظرون منك أنت ومن أمثالك من يمدّ لهم يد العون، والمساعدة.. .
رمضانُ ما لك تلفظ ُ الأنفاسا ... أولمْ تكنْ في أفقنا نبراسا
لطفاً رويدك بالقلوب فقد سَمَتْ ... و استأنستْ بجلالِك استئناسا
أ تغيبُ عن مهجٍ تجلّك بعدما ... أحيا بك الله الكريمُ أُناسا
فلكلّ نفسٍ في وداعك آهةٌ ... والعين تدمع والحشاشة تاسى
اسمع وداعك في نشيج مُشيّع ٍ... ولظى فراقك يلهبُ الإحساسا
قد كنتَ غيثا للنفوس فأثمرتْ ... برّا و إشفاقاً .. و كنّ يباسا
للتائبين مدامعٌ رقراقةٌ ... تـُحيي الفؤادَ وتغسل الأرجاسا
كم في مقام الذلّ من تنهيدةٍ ... تجلو الصدأْ والرّان والأكداسا
والنفسُ ترتشفُ الضياءَ فتعتلي ... وتكادُ تسبحُ في الفضا استئناسا
أنبتَّ بالتقوى شِعَابَ قلوبنا ... و سقيتَ بالآي الكرام غراسا
و كسوتَ من حُلل الفضائل أنفسا ... فسعتْ إلى رب الملا أجناسا
و رُبا الأخوّة أينعت من مؤثرٍ ... أو منفقٍ لله .. أو مَن واسى
نفحاتك الغنّاء رفدُ سعادةٍ ... تستنزلُ الرحماتِ والإيناسا
و نسائمُ الأسحار تـَذهبُ بالضنى ... وتهدهد الوجدان مما قاسى
و بكل سانحةٍ مآثر سنّةٍ ... من نور أحمد أشرقت نبراسا
وتجولُ في رؤياك صحوةُ أمةٍ ... رفعت بأنوار العقيدة راسا
و تقلدت تاج الحضارة، وامتطت ... ظهر العلا المتمنع الميّاسا
هذا هو التاريخ يشهد فافتحوا ... سفر الحقيقة واقرءوا الكرّاسا
وتمسّكوا بسنا الرسالة وأدحروا ... دعوى الدعيّ، وأخرس الأرجاسا
ذودوا عن الهادي.. وأحيوا أمّةً ... تتجرعُ الويلاتِ كاسا كاسا
فمعاركُ الأفكارُ أضرىُ شوكة ً ... فقفوا على ثغرِ الحجا حُرّاسا
يا شهرُ كم لي فيك من إشراقة ... تطوي الظلامَ وتستجيلُ الياسا
ومعالمٍ تبني الحياة هدىً، وفي ... جنّاتِ عدن ٍ تنشرُ الأعراسا
سبحان من أسداك جلباب التقى ... و كفاك زادا بالتقى ولباسا
ومضى هلال الصائمين فحَشْرَجَتْ ... ووقفتُ أجترعُ الأسى والباسا
ومضى الحبيبُ فهل لنا من ملتقى ... يُسلينِ أم تجني المنون غراسا
وآها لقلبي في غروبك بعد أنْ ... ألِفَ الطريقَ وعاشرَ الأكياسا
أستودعُ الله الكريمَ مآثرا ... تعظ ُ القلوبَ و تطرد الوسواسا
و لسوف تبقى ذكرياتـُك حيّة ً ... الواعظات ُ وإنْ بدينَ خِراسا
فمن كان يعبد الله في رمضان فإن رمضان راحل ومن كان يعبد الله فإن الله حي لا يموت ،
فرحمة الله وأبوابه مفتوحة في كل زمان ومكان ، يغفر لمن يشاء بغير حساب .. سبحانه وتعالى
فشمروا عن ساعد الجد وأقبلوا على الله ولا تركنوا للدنيا وملذاتها فتنسيكم الآخرة .
نسأل الله بمنه وفضله أن يتقبل منا ومنكم الصيام والقيام والصدقات وجميع أعمال الخير والبر وصالح الأعمال ...
إنه ولي ذلك والقادر عليه .
فمن كان من صواب فمن الله وحده
ومن كان من خطأ فمن نفسي والشيطان
واستغفر الله العظيم