CABO العضو الذهبي
عدد الرسائل : 1210 تاريخ التسجيل : 13/03/2009
| موضوع: الذنوب تميت القلوب الأربعاء 08 أبريل 2009, 12:36 pm | |
| الذنوب تميت القلوب
لما اجتمع مالك بالشافعي- رحمهما الله- قال له: إني أرى الله تعالى قد ألقى عليك نورًا، فلا تطفئه بظلمة المعصية.. ثم تقوى تلك الظلمات، وتفيض من القلب إلى الجوارح، فيغشى الوجوه منها سواد، بحسب قوتها وتزايدها، فإذا كان عند الموت ظهرت في البرزخ، فامتلأ القبر ظلمة، كما قال النبي- صلى الله عليه وسلم-: «إنَّ هذه القبور ممتلئةٌ على أهلها ظلمة، وإنَّ الله عز وجل ينورها بصلاتي عليهم» (خرَّجه أحمد). ومما يُذكر عن عبد الله بن المبارك- رحمه الله- قوله: رأيت الذنوب تميت القلوب وقد يُورث الذل إدمانها وترك الذنوب حياة القلوب وخير لنفسك عصيانها وهل أفسد الدين إلا الملوك وأحبار سوء ورهبانها وأكد الحسن البصري- رحمه الله- هذا بقوله: « إنهم وإن طقطقت بهم البغال، وهملجت بهم البراذين، إنَّ ذل المعصية لا يُفارق قلوبهم، أبى الله إلا أن يذل من عصاه». وقد تحدَّث كثير من سلفنا الصالح عن عاقبة المعصية وآثارها في العبد، تحذيرًا للسائرين منها، وتخويفًا لهم، وتأكيدًا على ضرورة اجتنابها، ومن هؤلاء الإمام محمد بن أبي بكر الزرعي- رحمه الله- في كتابه القيم (طريق الهجرتين، وباب السعادتين) فقد أشار إلى أنَّ علم السائر بعاقبة المعصية وقبح أثرها والضرر الناشئ بسببها، يدفعه إلى تركها، ويحجزه عن الوقوع في شباكها، فذكر مجموعة كبيرة من هذه الآثار منها: سواد الوجه، وظلمة القلب، وضيقه وغمه، وحزنه وألمه، وانحصاره وشدة قلقه واضطرابه، وتمزق شمله، وضعفه عن مقاومة عدوه، وتعريه من زينته، والحيرة في أمره، وتخلي وليّه وناصره عنه، وتولي عدوه المبين له، وتواري العلم الذي كان مستعدًا له عنه، ونسيان ما كان حاصلاً له أو ضعفه ولا بد، ومرضه الذي إذا استحكم به فهو الموت ولا بد، فإنَّ الذنوب تميت القلوب. ومنها ذلة بعد عزة، ومنها أنه يصير أسيرًا في يد أعدائه، بعد أن كان ملكًا متصرفًا يخافه أعداؤه.. ومنها أن يضيع تأثيره فلا يبقى له نفوذ في رعيته، ولا في الخارج، فلا رعيته تطيعه إذا أمرها، ولا ينفذ في غيرهم. ومنها زوال أمنه وتبدله به مخافة، فأخوف الناس أشدهم إساءةً، ومنها زوال الأُنْس وحلول الوحشة مكانه، وكلما ازداد إساءةً ازداد وحشةً، ومنها زوال الرضى وحلول السخط بدله. ومنها زوال الطمأنينة بالله والسكون إليه، والإيواء عنده، واستبدال الطرد والبعد منه، ومنها وقوعه في بئر الحسرات، فلا يزال في حسرةٍ دائمة، كلما نال لذة نازعته نفسه إلى نظيرها، إن لم يقضِ منها وطرًا، أو إلى غيرها إن قضى وطره منها، وما يعجز عنه من ذلك أضعاف أضعاف ما يقدر عليه، وكلما اشتد نزوعه، وعرف عجزه اشتدت حسرته وحزنه.. فيا لها من نارٍ قد عُذِّب بها القلب في هذه الدار، قل نار الله الموقدة، التي تطلع على الأفئدة. ومنها فقره بعد غناه، فإنه كان غنيًا بما معه من رأس مال الإيمان وهو يتجر به، ويربح الأرباح الكثيرة، فإذا سُلِب رأسماله أصبح فقيرًا معدمًا، فإما أن يسعى بتحصيل رأسمال آخر بالتوبة النصوح والجد والتشمير، وإلا فقد فاته ربح كثير بما أضاعه من رأسماله. وهذه في مجموعها سبب رئيس في موت القلب، حين يفقد الأمن وتزول عنه الطمأنينة والأنس، والرضى، وتسيطر عليه الحسرات، والفقر والوحشة والندم، وسلسلة العقوبات المترتبة على ارتكاب المعاصي تطول، وقائمتها تتنوع، وفي الأسبوع المقبل نكمل ما أشار إليه الإمام الزرعي الدمشقي- رحمه الله-. | |
|
JOKY عضو مميز
الجنس : عدد الرسائل : 901 العمر : 52 العمل/الترفيه : أعمال حرة المزاج : كله تمام تاريخ التسجيل : 14/03/2009
| موضوع: رد: الذنوب تميت القلوب الأربعاء 08 أبريل 2009, 1:07 pm | |
| ربنا يغفر لنا و يرحمنا و يعافينا | |
|