ومضات للحظات من الوئام ...
بعد التميز اللذي يلازم حفل الزفاف في كل شيء سواء في بساطته وعدم التكلف او مغالاته و درجة إبهاره يختلي العروسان في غرفتهما الخاصة لتبدأ مراسم وضع اول لبنة للحياة الزوجية بحلوها ومرها وما هي الا لحظات حتى يمد الشاب يده ليضعها على رأس عروسه ثم يدعي بالدعاء المأثور :-
( اللهم إني أسألك من خيرها وخـيـــر ما جبلتها عليه وأعوذ بك من شرها وشر ما جبلتها عليه )
ثم قام وتوضأ وصلى بها ركعتين وبعدها رفعا أيديهما بالدعاء إلى الله تعالى أن يوفقهما في حياتهما الجديدة وابتهالا ان يجمع بينهم بالخير ويحفظ مملكتهما الصغيرة من كل شر.
بعدها جلسا متحابين ليحددا أسس حياتهما الزوجية ومعالمها لتكون مصابيح الإستضاءة لزورقهما الصغير وهو يسلك طريقه عبر الامواج لبر الأمان فكان مما اتفقا عليه:-
سلامة النية وهي أساس الأمر ولبه ليتحول عملهما من عادة الى عبادة فاتفقا على النية الصالحة لزواجهما إستجابة لأمر نبينا الكريم صلى الله عليه وسلم لشباب أمته بالمبادرة الى الزواج واحتساب إحصان الفرج وغض البصر وإعفاف النفس مرضاة للرب , واحتساب أجر إقامة بيت مسلم على منهج يرتضيه الله سبحانه وتعالى واحتساب إنجاب الذرية الصالحة وتربيتهم تربية إسلامية , فإذا عقد الزوجان قلبيهما على هذه النية صارت كل لحظة من حياتهما الزوجية عبادة يؤجران عليها بمشيئة الله تعالى.
التعاون على الطاعة بأن يحض كل منهما الآخر على عمل الخير وتشجيعه عليه ومما رواه ابو هريرة رضي الله عنه ان رسول الله صلى الله عليه وسلم قال :-
(رحم الله رجلاً قام من الليل فصلى وأيقظ امرأته فصلت، فإن أبت نضح في وجهها الماء، ورحم الله امرأة قامت من الليل تصلي فأيقظت زوجها فصلى، فإن أبى نضحت في وجهه الماء) وذلك من أساس إقامة البيت المسلم اللذي لا يقدم عروساه على خطوة الا بعد ان يعلما حكم الله ورسولة فيها متعالين بعقيدتهما وواقفان بصلابة امام التيار المضاد.
بناء حياتهما الزوجية على المحبة والمودة والعشرة الحسنه امتثالا لأمر الله ورسوله على ان يكونا حازمين مع بعضهما في التربية والتوجيه وخاصة من ناحية الزوج فمحارم الله عز وجل لامداهنة فيها والتقصير بالشريعة أمر لايجب السكوت عنه.
التحمل بأن يكونا لبعضهما كما كان ابو الدرداء وأم الدرداء رضي الله عنهما فكانت إذا غضب سكتت واسترضته , واذا غضبت سكت واسترضاها وكان منهجهما من يوم زواجهما وله من الحكمة الكثير في وقت تهدمت فيه الكثير من البيوت وانهارت كثير من الأسر بسبب غضب الزوجين معا وعدم تحمل احدهما الآخر.
من طبيعة البشر الخطأ والزوجان غير معصومان من الخطأ فإن وقع الخطأ او التقصير من احدهما في حق الآخر بالامور الدنيوية فعلى الآخر المبادرة بالصفح والعفو ولا ينسى حسنات دهر وسنين أمام زلة يوم فغض الطرف عن الهفوات الصغيرة مع التنبيه بأسلوب لطيف بعيد عن جرح الكرامة او الإهانة هي مايبني الحب في قلبيهما بعد توفيق الله.
العيوب والنقائص ومثلها المشكلات اتفق الزوجان على ابقائها بينهما فلا يطلع عليها لاالأهل ولا الأقارب تمشيا بسرية هذه الحياة وكونها مملكتهما الخاصة فالغالب على هذه المشاكل انها اذا خرجت عن نطاق الزوجين بدأت بالتطور والتعقيد.
أخيرا وبعد عناق دافيء ملؤه المحبه والحنين اتفق الزوجان ان يوضح كل منهما للآخر أهدافه بالحياة سواء على المدى القريب او البعيد وكذلك الوسيلة المستخدمه للوصول لهذه الأهداف فيكون لهما اهداف مشتركة يتعاونا على تحقيقها وربما اهداف خاصة لابأس من اطلاع كل طرف للآخر عليها ليقف معه عونا وليس حائلا على تحقيقها .
دعونا لانتناسى ان الزوجان المباركان عند وضع هذه الأسس نصب اعينهما حتى لو سجلاها بورقة يحتفظ كل واحد منهما بنسخة منها بحيث تكون ميثاقا للمراجعه بين الحين والآخر واتفقا بألا تكون هذه المفاهيم حبرا على ورق بل تتحول الى واقع يطبقانه قدر المستطاع ويشد كل منهما من إزر الآخر ويذكره بان المسالة فعلا صعبه تحتاج الى مجاهدة وصبر , فهي معالم مباركة لكل زوجين وكل شاب وشابة مقبلان على الزواج ينشدان رضا الله ومن ثم سعادتهم الزوجية وحتى من فاته شيء مما ذكر او كان جاهلا ببعض الأمور فليتدارك اللحظات ويعقد إتفاقية شراكة وحب من الله وفي الله متمنيا ان ينفع الله بهذا الموضوع كل مقبل على الزواج وكل أسرة بدأت تنشأ على طاعة الله.