(2) اللازم الثاني: تكذيب الله ورسوله:
قال الله تعالى حاكياً كلام إبراهيم عليه السلام وهو يحاج النمرود: ﴿قَالَ إِبْرَاهِيمُ فَإِنَّ اللّهَ يَأْتِي بِالشَّمْسِ مِنَ الْمَشْرِقِ فَأْتِ بِهَا مِنَ الْمَغْرِبِ فَبُهِتَ الَّذِي كَفَرَ وَاللّهُ لاَ يَهْدِي الْقَوْمَ الظَّالِمِينَ﴾ [البقرة (258)].
وقال تعالى: ﴿وَتَرَى الشَّمْسَ إِذَا طَلَعَت تَّزَاوَرُ عَن كَهْفِهِمْ ذَاتَ الْيَمِينِ وَإِذَا غَرَبَت تَّقْرِضُهُمْ ذَاتَ الشِّمَالِ وَهُمْ فِي فَجْوَةٍ مِّنْهُ ذَلِكَ مِنْ آيَاتِ اللَّهِ مَن يَهْدِ اللَّهُ فَهُوَ الْمُهْتَدِ وَمَن يُضْلِلْ فَلَن تَجِدَ لَهُ وَلِيّاً مُّرْشِداً ﴾ [الكهف (17)].
وقال تعالى في قصة ذي القرنين: ﴿حَتَّى إِذَا بَلَغَ مَغْرِبَ الشَّمْسِ وَجَدَهَا تَغْرُبُ فِي عَيْنٍ حَمِئَةٍ﴾ [الكهف (86)]. وقال أيضاً: ﴿حَتَّى إِذَا بَلَغَ مَطْلِعَ الشَّمْسِ وَجَدَهَا تَطْلُعُ عَلَى قَوْمٍ لَّمْ نَجْعَل لَّهُم مِّن دُونِهَا سِتْراً﴾ [الكهف (90)].
وقال تعالى: ﴿وَالشَّمْسُ تَجْرِي لِمُسْتَقَرٍّ لَّهَا﴾ [يس (38)].
وقال تعالى: ﴿وَسَخَّرَ الشَّمْسَ وَالْقَمَرَ كُلٌّ يَجْرِي لأَجَلٍ مُّسَمًّى﴾ [الرعد (2). فاطر (13). الزمر (5)].
وقال تعالى: ﴿وَسَبِّحْ بِحَمْدِ رَبِّكَ قَبْلَ طُلُوعِ الشَّمْسِ وَقَبْلَ غُرُوبِهَا﴾ [طه (130)].
وقال تعالى: ﴿أَقِمِ الصَّلاَةَ لِدُلُوكِ الشَّمْسِ إِلَى غَسَقِ اللَّيْلِ﴾ [الإسراء (78)].
]ففي هذه الآيات وما كان في معناها: نسب الله سبحانه وتعالى وأسند الأفعال إلى الشمس؛ مما يدل على أنها هي التي تدور حول الأرض،؛ ليحدث بدورانها الليل والنهار، والشروق والغروب، فمن قال بخلاف ذلك فقد تقوَّل على الله بغير علم، وتأول ظواهر الكتاب بغير دليل، فيقع بذلك في تكذيب الخلاق العليم الخبير، لأجل تصديق الكافر الظلوم الجهول.ثم إن الله جل وعلا لما ذكر الأجرام السماوية المتحركة المسخرة لم يُدخل فيها الأرض مما يدل على سكونها؛[/color] قال الله تعالى: ﴿وَهُوَ الَّذِي خَلَقَ اللَّيْلَ وَالنَّهَارَ وَالشَّمْسَ وَالْقَمَرَ كُلٌّ فِي فَلَكٍ يَسْبَحُونَ ﴾ [الأنبياء (33)]، وكان قال قبل ذلك: ﴿وَجَعَلْنَا فِي الأَرْضِ رَوَاسِيَ أَن تَمِيدَ بِهِمْ وَجَعَلْنَا فِيهَا فِجَاجاً سُبُلاً لَعَلَّهُمْ يَهْتَدُونَ {31} وَجَعَلْنَا السَّمَاء سَقْفاً مَّحْفُوظاً وَهُمْ عَنْ آيَاتِهَا مُعْرِضُونَ{32}﴾فبدأ سبحانه وتعالى بالثوابت: الأرض والسماء، ثم عقب بالمتحرك بينهما، وقد أكد ثبات الأرض بأن جعل لها الجبال رواسي كالأوتاد تثبتها حتى لا تميد، أي: تميل أو تضطرب أو تتحرك بدوران وغيره.
وقال تعالى: ﴿وَسَخَّر لَكُمُ الشَّمْسَ وَالْقَمَرَ دَآئِبَينَ وَسَخَّرَ لَكُمُ اللَّيْلَ وَالنَّهَارَ﴾ [إبراهيم (33)]، وكان قال قبل ذلك: ﴿اللّهُ الَّذِي خَلَقَ السَّمَاوَاتِ وَالأَرْضَ وَأَنزَلَ مِنَ السَّمَاءِ مَاءً فَأَخْرَجَ بِهِ مِنَ الثَّمَرَاتِ رِزْقاً لَّكُمْ وَسَخَّرَ لَكُمُ الْفُلْكَ لِتَجْرِيَ فِي الْبَحْرِ بِأَمْرِهِ وَسَخَّرَ لَكُمُ الأَنْهَارَ{32}﴾ فبدأ بذكر الثوابت: السماوات والأرض، ثم عقب بذكر المتحركات.
وقال تعالى: ﴿وَسَخَّرَ الشَّمْسَ وَالْقَمَرَ كُلٌّ يَجْرِي إِلَى أَجَلٍ مُّسَمًّى﴾ [لقمان (29)].
وقال تعالى: ﴿لا الشَّمْسُ يَنبَغِي لَهَا أَن تُدْرِكَ الْقَمَرَ وَلا اللَّيْلُ سَابِقُ النَّهَارِ وَكُلٌّ فِي فَلَكٍ يَسْبَحُونَ﴾ [يس (40)].
ومما جاء في صحيح السنة من ذلك:
(1): حديث جرير بن عبد الله البجلي، قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: «أما إنكم سترون ربكم كما ترون هذا القمر، لا تضامون في رؤيته، فإن استطعتم أن لا تُغلبوا على صلاة قبل طلوع الشمس وقبل غروبها، فافعلوا» ثم قرأ: ﴿وَسَبِّحْ بِحَمْدِ رَبِّكَ قَبْلَ طُلُوعِ الشَّمْسِ وَقَبْلَ غُرُوبِهَا﴾ [طه (130)].
أخرجه البخاري (554و573و4851و7434و7435و7436). ومسلم (633).
(2): حديث أبي هريرة: أن رسول الله rصلى الله عليه وسلم قال: «من أدرك ركعة من الصبح قبل أن تطلع الشمس فقد أدرك الصبح، ومن أدرك ركعة من العصر قبل أن تغرب الشمس فقد أدرك العصر».أخرجه البخاري (556و579و580). ومسلم (608).
(3): حديث ابن عمر، قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: «إذا طلع حاجب الشمس فأخروا الصلاة حتى ترتفع، وإذا غاب حاجب الشمس فأخروا الصلاة حتى تغيب».
أخرجه البخاري (583و3272). ومسلم (829).
(4): حديث أبي هريرة: أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال: «لا تقوم الساعة حتى تطلع الشمس من مغربها».أخرجه البخاري (4635و4636و6506و7121). ومسلم (157).
وغيرها من الأحاديث الصحيحة الكثيرة، والتي يطول حصرها، التي أسند فيها النبي صلى الله عليه وسلم الشروق والغروب وغيرها من الأفعال إلى الشمس، فمن ادعى فيها تأويلاً طالبناه بالدليل من الشرع، لا من كلام الكفار والوثنيين، وإلا كان مكذباً لرسول الله صلى الله عليه وسلم فيما أخبر به.